ليثٌ ثائر ربّى الأشبال على حبّ الجهاد وعشق الشهادة القسام-ـ خاص: "و تسألني .. لماذا قلبك المكلوم لم يعشق !!!" ... مثل شعبٍ كاملٍ ولّد جيل انتفاضةٍ تحت الحراب ، ولد الشهيد القساميّ عنان إسماعيل حامد قادوس بعد مجازر صبرا و شاتيلا عام 1982 ، و كأنّ إرادة الله شاءت أن يخرج من أصلاب الفلسطينيين من يثأر لضحايا عدوّهم بعد سنين . الميلاد والنشأة نشأ عنان في كنف أسرةٍ متديّنة فكان صغير الأبناء الثمانية و الشقيقتان اللتان تكبرانه . و كخروجه للدنيا بعد المجازر التحق عنان بالحياة الدراسية مع انطلاق الانتفاضة الأولى عام 1987 في مدرسة قريته "عراق بورين" الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها على 1200 نسمة إلى الجنوب الغربي من نابلس . و مع إنهائه المرحلة الإعدادية توجّه شهيدنا إلى مدرسة (تل) في البلدة القريبة لإكمال دراسته الثانوية حيث حصل من هناك على شهادة الثانوية العامة ، غير أنّه لم يتمكّن من إكمال دراسته العليا و الالتحاق بالمعاهد و الجامعات رغم نبوغه الدراسيّ و ذكائه الشديد بفعل الظروف الاقتصادية القاسية التي عاشتها أسرته ، فقد كان يحسّ بظروف العائلة ، يقهره فقرها ، و رغم كونه الأصغر بين أشقائه فقد تحمّل عبء المسؤولية و انطلق للعمل بدلاً عن الدراسة ليصبح عنصراً منتِجاً مساعداً لعائلته فعمل أول مرة في زراعة الأرض مع أقاربه و لعلّ في طين فلسطين المقدّس سرّ يدفع العشاق ليذروا أرواحهم سقيا لترابها ، فقد أحبّ عنان الأرض حدّ العشق ، و أخذ يتحدّث عنها و عن قدسيّتها و قارن بين نعومة أشواكها و قسوة أزهار الغربة . القائم العابد الزاهد و إلى جانب عمله في زراعة الأرض امتهن عنان العمل في مجال البناء و كان يعمل و يدرس في المدرسة حتى تفرّغ للعمل بصورة كاملة . توفّيَت والدة عنان و لما يتجاوز الخامسة عشرة من عمره ، و كان لوفاتها أثرٌ كبير في حياته و هو أصغر الأبناء و المعروف برابطة خاصة تجمعه بأمّه فاشتدّ تديّنه و أصبح لزومه المسجد دائماً ، يتعبّد و يطلب الشفاعة يصلّي في جوف الليل و يغتنم دقائق المحراب الغالية . كانت دموع عنان تبوح بما يسرّ في قلبه ، و تشي بالحرقة الشديدة التي ولدت في نفسه إلى الجنة ، لم يُطلِع أحداً يوماً على ما يدعو في صلاته ، و لم يكنْ يوماً من محبّي الظهور و الاستعراضيين بل كان رجلاً ينتمي إلى جيل الصحابة الفريد في عقيدته و عبادته و سلوكه و أخلاقه ، تلميذ نجيب لابن الوليد و سيف بيد صلاح الدين و صدى قويّ لصرخات عز الدين و هي تهزّ أحراش يعبد "إنّه لجهاد .. نصر أو استشهاد" . قلبه معلق بالمسجد و كبر عنان و ازداد تعلّقه بمسجد قريته ، كان يبغي الهداية و الرشاد للجميع فأخذ يؤسّس قاعدةً للحركة الإسلامية التي تبدأ مسيرتها مع النور في كلّ مكانٍ من بيوت الرحمن ، أخذ يؤسّس مجموعات الأشبال ، يجمَعهم من شوارع القرية و يربط بين قلوبهم بالمسجد يدرّسهم القرآن الكريم ، و يشرح لهم معانيه العظيمة بأسلوبه البسيط الذي يسّره الله عليه و يعلّمهم أحكام التجويد حتى أسّس نواةً من أشبال المساجد مهيّأة لتكون مجموعات في سواعد حماس و إلى جانب عمله الدعويّ النشط كان عنان من المسارعين في الخيرات ، يزيد من قوة إيمانه و يضاعف من التزاماته التعبّدية و الروحانية فأدّى العمرة و كان يحرص على صلوات النوافل و صيام الأيام المستحبّة ، لكنّه كان يعلم في قرارة نفسه أنّ الله لا يعذّب جسداً تعفّر في سبيله و جهاداً لعدوّه فالتحق بكتائب الشهيد عز الدين القسام مقاتلاً عنيداً و صلباً و سرّياً دون أنْ يبدي أيّ علامةٍ تشير إلى دوره . الطريق إلى عمانوئيل و فيما كان الصهاينة يودّعون قتلاهم الـ 21 الهالكين في عملية عمانوئيل الأولى ليلة عيد الفطر 2001 كانت جماهير الفلسطينيين تحتفي و تحتفل بشهيد القسام الرائع عاصم ريحان الذي استشهد في العملية القسامية الأولى فيما لم يكنْ قد تبقّى لأمهات الشهداء و الأسرى و آبائهم سوى الدعاء و الجأر إلى الله أن يحفظ القسّاميّين الذين يلتحفون السماء و يفترشون صخر الأرض على قمم الجبال في انتظار لحظات الانتقام دون أنْ يعلم أيٌّ من الفريقين أنّ شهيدنا هو أحد الذين لقّنوا دولة صهيون درساً في فنون القتال القسامية بعملية عمانوئيل (1) إلى أنْ حلّ موعد عملية عمانوئيل الثانية و التي قادها القائد القساميّ الفذّ نصر الدين عصيدة أستاذ الرعب و سيف الخوف المسلّط على رقاب المغتصبين والتي سقط فيها (11) صهيونياً آخرين . تاريخ العملية الثانية و توقيتها وصم جبين القيادة العسكرية الصهيونية بالعار ، فالضفة تعيش تحت منع التجوّل المشدّد في عملية الطريق الحازم ، و الهدف المعلَن هو القسام الذي تحوّل إلى أسطورةٍ يفكّ رجاله الحصار و يكسرون قواعد الأمن و يضربون في قلب شارون و يرعبون دولته و يفرضون ضريبة الذلّ و المهانة على قطعان مستوطنيه و يعلّموهم الدروس و العبر و يقدّمون للأمة الرافعة المعنوية تلو الأخرى . و يشدّد الحصار على المنطقة التي وقعت بها العملية ، طائرات الأباتشي و المروحيات ، مئات الجنود والفرق العسكرية تمشّط الجبال غرب نابلس و يحين موعد الشهادة . قُتِل جنديّ و ضابطٌ صهيونيّان خلال عملية المطاردة التي انتهت في وادي قانا قرب صرة ، و اندلع الاشتباك و سقط ثلاثة شهداء ، لم يكنْ أحدٌ ليتوقّع أنْ يكون بينهم عنان ، فقد كانت عائلته تعلم أنّه خرج للعمل في إحدى الورش مع زميله و رفيق دربه مأمون إبراهيم قادوس ، و كانت العائلة تتوقّع أنْ يبيتوا في الورشة و انقطعت الأخبار بفعل منع التجوّل المشدّد المتواصل الذي عاشته نابلس دون أنْ تدري العائلة أنّ ابنها كان أحد الذين يخطّون بصمتٍ بصماتهم أسفاراً في سجلّ المجد الذي يكتب القساميون فيه كلّ ساعة ألف حكايةٍ و حكاية . رحل عنان و مأمون و رفيقهما الثالث بلال عابد ابن قرية قبلان خلال الاشتباك ، صعدت أرواحهم إلى السماء ، و ترك الجنود الصهاينة بقاياهم ملقاة في العراء تلتهمها الوحوش ، دون أنْ يعلموا أنّ أرواحهم تمرح في رياض الجنان ... رحل ثلاثتهم إلى حيث تمنّوا ، كلّهم أحبّوا الموت في سبيل الله و تاقوا للقاه ، كلّهم ذرف الدمع السخين مع وداع كلّ شهيدٍ شاركهم موقعة من أيام القسام ، كلّهم رحلوا لتشرق الأرض بنور ربّها بعدما مُلِئت ظلماً و جوراً ، و أعلن بيان كتائب الشهيد عز الدين القسام خاتمة فصلٍ من الحكاية يسلّم أبطاله الراية لمن يحكي فصلاً آخر من دماء القلب ، فالشهداء فينا لا يموتون بل في تراب الأرض كالصخر يُزرَعون و لسان حالهم يقول : نحن الجسور و جيل النصر يعبرنا يا داعي الله بلّغ أمة العرب إنا لعزّتها قامت فوارسنا فلترفع الرأس بالقسام للشهب بسم الله الرحمن الرحيم {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلاً} بيان عسكري صادر عن كتائب الشهيد عز الدين القسام كتائب القسام تزف ثلاثة من مجاهديها الأبطال يا جماهير شعبنا المجاهد .. يا أمتنا العربية والإسلامية العريقة :- على طريق الشهداء والاستشهادين تمضي بنا القوافل، مؤكدين للعالم أجمع أننا طلاب جهاد وشهادة فعلى طريق البنا وقطب وعزام والقسام والقائد القسامي صلاح شحادة مضت قوافلنا وعلى نفس الطريق تزف كتائب الشهيد عز الدين القسام الشهداء الأبطال : الشهيد القسامي المجاهد بلال وليد محمد عابد الاقرع (22 عاما) من بلدة قبلان الشهيد القسامي عنان اسماعيل حامد قادوس (22 عاما) الشهيد القسامي مأمون ابراهيم يعقوب فرح (23 عاما) وكلاهما من قرية عراق بورين قضاء نابلس الذين لقوا الله عز وجل ظهر يوم الثلاثاء 23/7/2002م بعد معركة بطولية جسدت روح التحدي والمقاومة لجبروت المحتل الغاشم حيث اشتبك مجاهدونا مع الجنود الصهاينة في أحد السهول قرب منطقة قرية صرة جنوبي نابلس وذلك أثناء ذهابهم لمهمة جهادية ، حيث دارت معركة شرسة بين مجاهدينا والجنود الصهاينة استطاع فيها مجاهدونا إيقاع العديد من الإصابات في صفوف الجنود الصهاينة ، ولقد استخدم الجنود الصهاينة الطائرات المروحية مما أدى إلى استشهاد مجداهدونا الذين أصروا على مواصلة طريق الجهاد حتى الرمق الأخير والفوز بالشهادة . إن كتائب الشهيد عز الدين القسام إذ تؤكد على استمرار مسيرة الجهاد والمقاومة تعلن عن التالي :- • إن كتائب القسام بارتقاء الشهداء تحيا واستشهاد أبنائها وقادتها لا يعنى لها إلا مزيداً في قوافل الاستشهاديين المنتظرين المتشوقين للقاء الله . • إن كل الاجراءات الصهيونية لن تصمد أمام مجاهدينا الذين بعون الله وحفظه سيصلون إلى عمق الصهاينة وقتما يشاءون . • إن استمرار العدو في المجازر واجتياح مدننا وقرانا ومخيماتنا لن يجلب للصهاينة أمناً بل سيجلب لهم مزيداً من التفجير والتدمير في كل مكان ، والرحيل عن أرضنا أو الموت فيها هو الخيار الوحيد أمامهم إن شاء الله . وإنه لجهاد نصر أو استشهاد كتائب الشهيد عز الدين القسام 24/7/2002م