مجاهداً متفانياً أينما وجد القسام - خاص : منذ احتلال فلسطين في عام النكبة، تتوالى الحكايات الفلسطينية عن رجال الأرض وأساطير َ هذا الزمن، كيف يخوضون المعركة الممتدة بصبر طويل ورباطة جاش قوية. إن هؤلاء الرجال لم تزل أرضهم تُنبِتهم صناديد، وهم بدورهم يرسمون طريق الحرية فلقد رأوا أن شعاع شمسها قد حل ّ وستشرق قريبا بإذن ربها. نشأته في الثلاثين من شهر ديسمبر من العام ألفٍ وتسعمائة وتسعة وثمانين، كانت منطقة معن في قلعة الشهداء –خانيونس، تشهد ميلاد بطلٍ خلد التاريخ اسمه، رجل من رجالات القسام، إنه الشهيد: أشرف قاسم منصور وافي (أبو مصعب) نشأ الشهيد أشرف في عائلة ملتزمة دينياً عرفت أن طريق الجهاد هو الطريق الاوحد لإستعادة الأرض والمقدسات فعلّمت أبنائها ذلك، فترعرع الطفل أشرف ليحبه جميع من يعرفه لبشاشته وفرحه الذي يشع من عيناه. ولقد حظي الشهيد بعلاقة مميزة مع والدته ويذكر أنها كانت تحبه حباً جماً يلحظه إخوانه، تتفقده في كل فينة وأخرى ولا يهدأ بالها حتى يرجع أمام ناظريها، أما علاقته هو مع والديه بشكل عام فلقد كان براً بهما حنوناً عليهما، يوصيهما بالصيام ويحرص على أن يقتدي بطاعاتهم. وكذا الحال مع إخوانه فلقد كان يحترمهم ويساعدهم بكل رحابة صدر وفرح، فلقد كان خدوماً لهم على الدوام، وهذا ما ميزّه رحمه الله، فلقد ذكر أقاربه وجيرانه كم أنه كان يملأ حياتهم بالنشاط والحيوية حتى يوم استشهاده فلقد ترك وراءه بصمات لا تُنسى وفراغ كبير لا يسده أحد مكانه. حياته الدعوية منذ نعومة أظافره، ارتاد الشهيد أشرف المسجد فنمت وكبُرت روحه الطيبة، وكان رحمه الله فعالاً في الأنشطة المختلفة منذ صغره، والتحق الشهيد أشرف في الأسر الدعوية في العام ألفين وستة، ومبايعته كانت في العام ألفين وعشرة. و كان عضواً في اللجان العاملة داخل المسجد منها: اللجنة الاجتماعية والثقافية، بجانب عمله في السلك الجماهيري، فزاد نشاطه في ذلك حتى لُوحظ عليه مدى حماسته ومبادرته في كل فعالية أو نشاط، وكم كان يحب أن يداعب إخوانه ويرفه عنهم حتى في أحلك ظروفهم رحمه الله. حياته العلمية كان الشهيد يسكن عند جدته في منطقة البلد، لذلك اضطر للدراسة في مرحلته الابتدائية في مدرسة عبد الله ابو ستة، أما الثانوية فلقد درسها في مدرسة كمال ناصر، عُرف عنه رحمه الله بأنه كان من الطلاب المتميزين دعويا وعلمياً، فلقد كان يحث زملاؤه في كل وقت على الصلاة وأداء الطاعات. وبالنظر إلى حياته الجامعية فنرى أنه درس قسم إدارة الاعمال في جامعة الأقصى، وشغل منصبا في الكتلة الإسلامية لفعاليته ونشاطه وبذله المعطاء، وأيضاً عمل في وحدة الرصد والمتابعة مؤدياً عمله على أكمل وجه وبكل نشاد وجد. حياته الجهادية بعد إلحاح شهيدنا على إخوانه للانضمام لصفوف كتائب القسام، ليضحى رجلاً من رجالات هذا الجيش التحريري الذي ها هو يرسم طريق الحرية. تم قبوله في صفوف الكتائب في عام ألفين وثمانية، ومنذ اللحظة الأولى لإلتحاقه عمل بهمة عالية ونشاط لا ينضب، وعزيمة لا تلين، وتسلسل عمله الجهادي، من متطوعٍ إلى مجاهد ، ثم أمير زمرة في مجموعة الإسناد، ثم انتقل في الفترة الأخيرة إلى النخبة واستشهد فيها. كان رحمه الله، يحرص على الرباط ولا ويتخلف عنه تحت أي ظرف من ظروف حياته، يعوض الأيام التي قد يغيبها لعذر قاهر بهمة عالية، وتميزت قدراته القتالية في الرمي على الدروع، وعمل في وحدة القنص وامتاز فيها بأن كان حاملاً سلاح القنص، إلى جانب عمله في وحدة الأنفاق ووحدة الرصد، وتفانيه في أي موقع يتواجد فيه. موعد مع الشهادة في العام ألفين واربعة عشر دّقت طبول الحرب، وجُن جنون الاحتلال الصهيوني وفقدت قيادته وحكومته السيطرة على الوضع الذي قام، فلقد أرعبت الكتائب المظفرة خمسة مليون صهيوني وقلبت الموازين لصالحها، فأصبحت المعركة خارج سيطرته. وكان رجال القسام مرابطون على الثغور وفي الخطوط المتقدمة جداً ليحموا الدار وأهل الدار. وحينما كانت المعركة على أوجّها في أخر شهر رمضان المبارك، وفي الثامن عشر من تموز تم استدعاء الشهيد وبعض من إخوانه في بداية الحرب الجوية. فتوجهوا إلى الحدود الشرقية في الفخاري، منتظرين أن يكرمهم الله بدحر العدو والتصدي له. 23-7-2014م، وبعد خمسة أيام تم استهداف العقدة الدفاعية التي كان فيها، فاستشهد معه الشهيد أيمن الغلبان رحمهم الله. يقضي الشهيد أشرف نحبه وترتجل روحه للسماء، أبية شجاعة قد زخر سجلها الجهادي بالعطاء والبذل في سبيل الله والوطن ورسم حدود العودة القريبة ان شاء الله. ومن الكرامات التي شوهدت بعد رحيله، أنه قد جاء أكثر من عشر مرات لامه في المنام فرحاً وقائلاً: لا تحزنوا، لن نحزن يا شهيدنا يقيناً منا أن النصر قادم قادم، طالما أن هناك من يواصل المسير نحو القدس الأسير مقبلين غير مدبرين.