مثالاً للمجاهد المخلص المطيع القسام - خاص : إنهم الشهداء، صُناع التاريخ، بناة الأمم، صانعو المجد، سادة العزة، يبنون للأمة كيانها، ويخطون لها عزتها، جماجمهم صرح العزة، أجسادهم بنيان الكرامة، ودماؤهم ماء الحياة لهذا الدين وإلى يوم القيامة. هم شهداءٌ يشهدون أنَّ المبادئ أغلى من الحياة، وأن القيم أثمن من الأرواح، وأن الشرائع التي يعيش الإنسان لتطبيقها أغلى من الأجساد، وأممٌ لا تقدم الدماء لا تستحق الحياة، ولن تعيش، لقوله تعالى: {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. الميلاد والنشأة في أحضان أسرة مجاهدة وفي أكنافِ مدينة غزة الأبية وبحي التفاح كان ميلاد البطل القسامي عبد الله نبيل عبد القادر البطش بتاريخ 21-12-1992م، فنشأ في ربوع بيته الملتزم على طاعة الله وتربى في ضيافة بيوت الله، حيث كان مسجد صلاح شحادة مقصد الشهيد عبد الله منذ نعومة اظفاره، فكان يأتي للصلاة في وقتها ثم يجلس ليتلو كتاب الله ويحفظ آياته ويتفقه في أمور الدين وينهل من الأخلاق والقيم الكريمة. تميز عبد الله بروحه المرحة ومحبته لإخوانه كما عرف عنه شدة عطفه وحنانه على من حوله وخاصة والديه إذ كان نعم الابن البار بهما المطيع لهما، أما إخوانه وأقاربه وجيرانه فقد كان متسامحاً معهم محباً لهم إلى أبعد الحدود، فما آذى يوماً ما أحداً منهم وما أساء لأحدٍ بل كان كثير الزيارة لأرحامه دائم الصلة لهم مثالاً للشباب المسلم التقي. في طريق العلم تلقى شهيدنا عبد الله البطش تعلميه الابتدائي والاعدادية في مدرسة صلاح الدين الايوبي وكان مميزاً في دراسته محباً لمعلميه، واستكمل مشواره التعليمي حيث التحق بمدرسة عبد الفتاح محمود الثانوية التي شهدت إقباله على العمل الطلابي الإسلامي ونشاطه في صفوف الكتلة الإسلامية، ثم التحق شهيدنا في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية ليدرس إدارة الاعمال ليتخرج منها بدرجة الدبلوم ويستكمل دراسته في الجامعة الإسلامية الا انه نال الشهادة الأكبر قبل تخرجه منها. في طريق المساجد كان مسجد صلاح شحادة في حي التفاح بمثابة البيت الثاني للشاب عبد الله الذي حرص على إقامة جميع الصلوات فيه والمشاركة في الأنشطة المختلفة التي كان ينظمها إخوانه في المسجد سواءً الأنشطة التعبدية من قيامِ ليلٍ واعتكافٍ وصيام، أو عملٍ اجتماعيٍّ من زياراتٍ وتواصلٍ مع الناس، أو عملٍ دعويٍّ أو جماهيريٍّ فكان يتقدم المسيرات الجماهيرية فقد كان من أنشط أبناء جهاز العمل الجماهيري في منطقته، وقد عمل شهيدنا محفظاً للقرآن الكريم في مسجده. وخلال ذلك كله كانت تتوطد مع مرور الأيام علاقة الشهيد عبد الله مع إخوانه في المسجد وكان يجلس في مجموعات الأسر الدعوية التي تنظمها جماعة الإخوان المسلمين لغرس العقيدة السليمة ومعاني الجهاد والمقاومة في نفوس أبنائها وقد بايع الجماعة عام 2008م على السمع والطاعة فكان نعم الشاب المطيع. فارس في صفوف القسام عُرف عن شهيدنا عبد الله وعيه المبكر وهمته القوية وحبه وإلحاحه للعمل في صفوف الجهاز العسكري، فأدرجه إخوانه للعمل ضمن صفوف جهاز الأمن المساند التابع للقسام وبدأت شجاعته ورجولته تتجسد أمام نظر قيادته حتى تم ترشيحه المباشر ليكون أحد فرسان كتائب الشهيد عز الدين القسام عام 2011م بعد خوضه عدة دوراتٍ عسكرية مكثفة حصل فيها، ليشارك اخوانه في الرباط على الثغور بشكل دائم ويشارك اخوانه في حفر الانفاق القسامية، وتخصص شهيدنا في سلاح المشاة حيث تلقى العديد من الدورات المبتدئة والمتوسطة على سلاح PKC حيث كان متميزاً في الرماية به. بقي الفارس على همته وعزيمته طوال مشواره الجهادي، وتميز بشجاعته وإقدامه وعدم خشيته في سبيل الله، وحرصه على أداء ما عليه من أعمال جهادية ورباط على الثغور مهما كانت ظروفه. على موعد مع الشهادة مع تغول العدو الصهيوني ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة من قتل وحصار خانق واغتيال لأبناء شعبنا وقصف لبيوت الامنين فكان لمقاومة شعبنا وخصوصا كتائب القسام ان تكون بالمرصاد وتلجم العدو فكانت صواريخها تدك (تل أبيب) والمدن المحتلة عام 1948م، وانطلقت معركة العصف المأكول التي واجه العدو فيها مقاومة شرسة ألحقت به الخسائر والقتلى في صفوفه وكان حي التفاح من المناطق التي تعرضت لاجتياح من قبل قوات الاحتلال. خرج شهيدنا عبد الله البطش ملبياً نداء الجهاد إلى نقطة رباطه على تخوم حي التفاح وكان يكمن في أحد المنازل في يوم 23-7-2014م، فقامت طائرات العدو بقصف المنزل الذي يتواجد فيه شهيدنا عبدالله برفقة الشهيد المجاهد محمد شابط ليستشهدوا على الفور، فترتقي روح شهيدنا عبد الله البطش إلى بارئها بعد مشوار جهادي مشرف.