بيروت - بولين فاضل
حتى اللحظة لايزال غسان الرحباني تحت وطأة الصدمة، صدمة غياب والده الموسيقي إلياس الرحباني بعدما باغته فيروس كورونا وحمله إلى المقلب الآخر من الدنيا.
حتى اللحظة لايزال حزنه كاملا وعميقا ولم يتآلف بعد مع رحيل الأب ولا يعلم حتى ما إذا كان سيتآلف مع الفكرة ذات يوم قريب أو بعيد.
غسان المشتاق لوجود إلياس يناجيه كل ليلة قبل النوم ويسأله طمأنته ما إذا كان مرتاحا، حيث هو. يقول: «رأيته أكثر من مرة في المنام، رأيته بصورة جميلة».
غسان المقيم في المبنى ذاته مع الأهل وشقيقه جاد وحيث الاستوديو وكل عالم الموسيقى الذي تفتحت عيونه عليه لايزال يحاذر حتى اليوم دخول مكتب إلياس ورمقه حتى بنظرة.
فمجرد محاولة التفكير بالدخول إليه يجعله يشعر وكأنه على قاب قوسين من الانهيار، ولكن ماذا عن إحياء كنوز الراحل لو ربما رفدها بروح موسيقية جديدة؟ يجيب: «أكذب إن قلت إني أفكر حاليا بهذه الأمور أو ان لدي مشروعا من هذا القبيل.
وفي أي حال، ربما شقيقي جاد يملك القدرة أكثر مني على التفكير مستقبلا بتوجه كهذا».
ويروي غسان أنه في آخر عامين عن حياة إلياس، عانى الأخير من النسيان ومشاكل الذاكرة وهو ما جعله بمنأى عن أحاديث كورونا وغير متابع لما يحصل، وكان للأمر إيجابياته انطلاقا من خوف إلياس المزمن من الأمراض، ويؤكد الرحباني الابن ان والده كان نشيطا وفحوصات دمه جيدة قبل أن تأتيه كورونا وتأتي عليه.
وعن أكثر من أثر فيه بعد رحيله، يقول غسان ان ما فاجأه هو قدر محبة الناس وتقديرهم للرحباني الإنسان ولاسيما لجهة لطفه وتسامحه وقربه إلى القلب وتواضعه.
وكثيرا ما يسأل غسان الرحباني عن علاقته وعلاقة والده الراحل بالسيدة فيروز، فيأتي الرد بأن اللقاءات معها ومع ريما كانت كثيرة في الآونة الأخيرة وكانت تتم على مأدبة عشاء في منزل والديه، حيث كانوا يأكلون ويتسامرون ويضحكون وكان الياس يفرح بهما كثيرا.
ويتابع غسان حديثه عن فيروز، فيقول: «العلاقة داخل العائلة هي علاقة طبيعية علما انه في جلساتنا مع السيدة فيروز لم نكن نتحدث أبدا في الفن وإنما في الماضي وذكرياته، أما على مأدبة العشاء فكان محور الحديث أطباق والدتي وطريقة إعدادها لها، لاسيما أنها معروفة بلقمتها الطيبة وأن الطبخ شأن يهم كثيرا فيروز وريما».
ويروي غسان حادثتين مع فيروز تركتا أثرين عميقتين في نفسه. أولهما حين أخذته فيروز ذات يوم جانبا في منزل والديه وسألته كيف يتدبر أموره مع العائلة والأولاد وكيف يعيش ويؤمن استمراريته، قائلا ان اهتمامها بالسؤال عن أحواله جعله يشعر وكأنه أمام أم ثانية خصوصا انها كانت تصغي لرودوه وتستوقفه أحيانا لمزيد من الاستفسار.
أما الحادثة الثانية، فهي حين كان في طريقه لافتتاح مسرحية من كتابته وإخراجه وتمثيله، وكان في غاية القلق والتوتر حين رن هاتفه وفوجئ بأن السيدة فيروز أرادت تشجيعه ودعمه وهو ما جعله يدمع باعتبار ان الكلام صادر عن أحد رموز المسرح في لبنان وعن أسطورة يعجز اللسان عن وصفها، كما يقول غسان.
أضف تعليق(التعليقات تمثل آراء أصحابها ولاتمثل رأي "الانباء")
x