الانشطار العنقودي: الموهبة المتوالدة -2 519 بملاحظة بسيطة لسلوك الأبناء في البيت الواحد، يمكن الجزم بوجود فروق فردية بينهم بالرغم أنهم يعيشون في نفس البيت ويتعرضون لنفس الخبرات والتوجيهات التربوية من الوالدين. معنى ذلك انهم مختلفون في القدرات والميول والاتجاهات. أذكر عندما كنت صغيرا اختلف عن أخي بميلي للقراءة بينما ميوله الواضحة الألعاب الحركية، وكلكم يمكن أن يقيم نفسه وميوله. وعندما يتم تقييم الطلاب وتصنيفهم حسب موهبتهم يقع بعد ذلك الخطأ الفادح في الاطار الثابت والدائم ويمكن تسميته بالفقد الخفي. فالشخص الذي تخصصه علمي لا يود أن يعرف أن كلمة (في) تجر جبلا كاملا وعليه فإنه يتباهى أن يقول (في الموهوبون) فضلا عن أن الأشخاص من ذوي المواهب الأدبية والشعرية مثلا يتحاشون استخدام حتى مبادئ الحساب والجبر في حياتهم العامة بدعوى أنه ليس تخصصهم، يشير تحديد مصادر المواهب إلى عملية تحديد وتقزيم المواهب المنبثقة من مواهب أخرى. الانشطار العنقودي ينتج تصنيفات وأداء وسلوكا متباينا بالرغم أن مصدره الرئيسي واحد، وهنا قد يفقد الفرد والمجتمع طاقات ومواهب كان يمكن أن تستغل وتستثمر في المجالات المتباينة. سؤال يمكن أن لا يرغب سماعه كثير من الموهوبين أو القائمين على مجال الموهبة، أين آلاف الأشخاص الموهوبين الذين تم اكتشافهم ورعايتهم خلال سنوات طويلة؟ أين هم في أزمة كورونا الحالية؟ خلال السنتين الحالية والماضية لم يبرز من أبنائنا الذين تم رعايتهم في خدمة مميزة وفارقة في التعامل مع الأزمة. وضع محبط ومؤلم صنعناه بأنفسنا عندما صنفنا الموهوبين وحصرناهم في جانب محدد من الذكاء لا يستطيعون أن يخرجوا من شرنقته. في الحقيقة تتمثل المهمة الأوسع في تحديد مصادر المواهب عند أبنائنا جميعهم في توليد وتدفق ثابت من ذوي المهارات العالية. أزمة كورونا الحالية كشفت أن المديرين وأصحاب الشركات وأرباب العمل كانوا يستخدمون فقط جانبا أحاديا من الموظف الكريستالي الذي ينتمي إلى مؤسستهم. تختلف صور الانشطار والتجزئة، ومنها الانشطار العنقودي الذي يكون متفرعا على شكل عناقيد العنب، وبعض الناس تستمتع بالمشاركة والتجزئة لنواحي حياتها المتنوعة، كما أن طاقة الانسان وامكاناته التي وهبه الله هي أكبر بكثير من التي تبرز على السطح في مناحي الحياة. مثال: المرأة في مراحل حياتها المختلفة تزداد مسؤولياتها وهي تستطيع أن تتحملها وتبدع فيها بالرغم أنها كشخص لم تتضاعف حجما أو عقلا، ولكن هناك مواهب دفينة تتفجر حسب الموقف والزمن. البحث عن المواهب في الموظفين في الزمن الحالي الذي تسوده طوابير البطالة من الشباب الخريجين، الهدف من البحث عن المواهب، في أبسط صوره، هو تحويل غير المتقدمين للعمل النوعي إلى متقدمين، ولكن تحديد مصادر المواهب هو نقطة الانطلاق في عملية التوظيف نفسها عنصر أساسي لبناء خط أنابيب للمواهب، هنا يمكن أن نتوقع أن يظهر الإنتاج الفارق الذي يحتاجه المجتمع في الأوقات العادية وفي الأزمات والكوارث كأزمة كورونا الحالية. قصة رجل الأعمال الذي كان يبحث عن مدير تنفيذي لمزارعه المختلفة في الساحل الغربي من الولايات المتحدة، معروف أن ذلك الساحل معرض بين الفينة والأخرى للأعاصير المفاجئة او المتنبأة التي قد تدمر المحاصيل وتشكل خسارة فادحة. المرشح الذي فاز في الوظيفة هو من قال: أنا أنام عندما تهب العاصفة، عندما سأله رب العمل عن تصرفه أثناء اجتياح الأعاصير على الولاية وتدمير المحاصيل، وقد فسر ذلك بقوله لاحقا أنه سيكون مع فريق عمله مستعدين باستمرار لتوقع الأعاصير وستكون الإجراءات الاحترازية دائمة والاحتياطات الوقائية سمة من سمات العمل. في جامعة أم القرى أقيم حفل بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة عام 2016، صدح فيه عشرات الطلاب بالقصائد الشعرية الجزلة مما أبهر مسؤولي الجامعة واستغرابهم من وجود هذا الكم الخفي من المواهب والتي يجب أن تستثمر في رفعة اسم الجامعة بالرغم أن تخصصهم تربية خاصة ويتعاملون مع فئات ذوي الإعاقة، وهنا كانت عملية تحديد مصادر الموهبة. في كلية التربية بجامعة قطر يقوم العميد باستكشاف قدرات ومواهب العاملين الأكاديميين والإداريين وتسكين تلك المواهب في أماكنها المناسبة، الأستاذة العنود الكواري مثالا. آخر المطاف: همسة: